١١ مايو ٢٠٢٤هـ - ١١ مايو ٢٠٢٤م
الاشتراك في النشرة البريدية
عين الرياض
البيئة والطاقة | الاثنين 18 فبراير, 2019 3:04 صباحاً |
مشاركة:

دعم سعودي يدفع أسعار النفط لملامسة 66 دولاراً وتعاظم دور اتفاق الخفض النفطي

عقب استقرار نسبي دام أربعة أسابيع لأسعار النفط (من 14 يناير الماضي إلى 8 من فبراير الجاري) ضمن نطاق 60 - 62 دولاراً لخام الإشارة برنت، جاءت بداية الاسبوع الماضي استكمالاً لذلك الاستقرار؛ لعدم وجود مؤثرات جديدة تستدعي تجاوب الأسعار لها، باستثناء الإعلان السعودي عن خفض المملكة إنتاجها النفطي في مارس القادم لـ 9.8 ملايين برميل يومياً، وكان المؤثر الأبرز في مؤشر أسعار النفط منذ الـ 13 من فبراير لنهاية تداولات الأسبوع الماضي، حيث حظيت الأسعار بدعم كبير جرّاء الخفض الذي أعلنت عنه السعودية لتصعد من 62 دولاراً إلى 66 دولاراً، وبالعودة إلى الـ 30 يوماً الأخيرة فقد لا يكون إنصافاً توصيف حالة أسعار النفط في تلك الفترة بالاستقرار المجرّد للنطاقات السعرية التي دارت حولها 60 - 62 دولاراً، فغالباً ما يكون الاستقرار الفعلي ناتجٌ عن توازن العوامل الأساسية للأسواق النفطية، ولكن كانت تلك الفترة (وما زالت) أقرب ما تكون من حالة تدافع بين عوامل الدعم والضغط، فالدعم غالباً ما كان من عوامل الأسواق الأساسية بقيادة اتفاق الخفض النفطي OPEC+، أما الضغط فكان نتيجة عوامل أساسية وأخرى غير أساسية (جيوسياسية) كالإنتاج النفطي من خارج OPEC والمخاوف من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، والتصارع بين قطبي الاقتصاد العالمي الولايات المتحدة الأميركية والصين.

ويذهب التوصيف الحالي لأسواق النفط من قبل المحللين والمتابعين إلى الضبابية وعدم الوضوح بالشكل المطلوب؛ لقراءة مستقبل الأسواق لكثرة العوامل المؤثرة في الأسواق وعدم ثباتها، نتيجة المتغيرات التي تمر بها تلك العوامل خلال فترات زمنية قصيرة، وذهبت بعض التحليلات الأجنبية لأسواق النفط إلى القول إن الأسعار النفطية لم تتحرك خلال الأسابيع الماضية بفعل تأثيرات OPEC وإنما كانت نتيجة لمخاوف تباطؤ الاقتصاد العالمي والمحادثات التجارية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، وما تلقيه من مخاوف على أسواق النفط، كما أن OPEC ليست محركاً أساسياً للأسواق خلال النصف الأول من العام الجاري 2019م، وبمجمل القول فإنه لا يمكن الأخذ بتلك التحليلات لعدم واقعيتها، كذلك اتخاذها العوامل غير الأساسية كمؤثرات تعلو عاملي العرض والطلب، كما أن تحركات منظمة OPEC تركزّ على العوامل الأساسية لأسواق النفط، بالإضافة إلى أن تلك التحليلات نسيت العوامل التي دعمت أسعار النفط من مستوى الـ 50 دولاراً لخام الإشارة برنت في الـ 26 من ديسمبر للعام الماضي 2018م صعوداً نحو مستويات الـ 66 دولاراً نوفمبر الجاري وهو أعلى سعر أغلقت عليه تداولات أسعار النفط لخام الإشارة برنت نهاية الأسبوع الماضي، وبذاك تجاوزت الأسواق النفطية منتصف الربع الأول من العام الجاري 2019م بثلاث مراحل الأولى «دعم الأسعار» من مستوى 54 دولاراً لخام الإشارة برنت في الأول من يناير الماضي إلى مستوى الـ 60 دولاراً في 11 للشهر ذاته ثم «استقرار الأسعار» ضمن نطاق الـ 60 - 62 دولاراً خلال الفترة 14 يناير 2019م إلى 12 فبراير الجاري تلتها مرحلة «دعم الأسعار» مرة أخرى وذلك من مستوى الـ 63 دولاراً إلى 66 دولاراً خلال الأسبوع لماضي وتحديداً من 13 فبراير لنهاية تداولات الأسبوع الماضي، وجاءت مرحلة تعافي الأسعار بداية يناير الماضي بدعم أساسي من بدء سريان اتفاق الخفض النفطي، كذلك حالات التفاؤل التي سادت الأسواق النفطية بتحقيق التوازن المطلوب خلال العام الجاري 2019م، وفي مرحلة استقرار الأسعار النفطية التي استمرت لمدة 29 يوماً ضمن أضيق نطاق تباين سعري 61 - 62 دولاراً لخام الإشارة برنت فقد طرأت بعض العوامل على الأسواق محدثةً ضغطاً عكسياً على الأسعار منها نمو الإنتاج الأميركي ومخاوف تباطؤ الاقتصاد العالمي، مما جعل أسعار النفط في حالة من التأرجح ضمن نطاقات ضيقة جداً لم يتجاوز حجم تباينها السعري الـ 3 دولارات، أما مرحلة الدعم التي حظيت بها الأسواق النفطية الثلاثاء الماضي، فقد جاء عقب إعلان السعودية عزمها على خفض إنتاجها النفطي لـ 9.8 ملايين برميل يومياً مارس المقبل، يدعم ذلك بيانات يناير الماضي المحفزّة للتجارة الصينية وأجواء التهدئة والتفاؤل لمحادثات الولايات المتحدة الأميركية والصين.

وتظل التوقعات المستقبلية للأسواق النفطية في ظل المعطيات الحالية على قدر من الصعوبة والضبابية، إلا أن هنالك عدداً من العوامل المؤثرة في مسار الأسواق يمكن الاستدلال بها، أهمها اتفاق الخفض النفطي ونسب الالتزام به، ومسار المحادثات القائمة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين كذلك مسار الإنتاج في النفط الصخري الأميركي، في المقابل يأتي الخفض الذي أعلنت عنه المملكة في مارس القادم بمعدل إنتاج يبلغ 9.8 ملايين برميل يومياً كعامل دعم إضافي لأسعار النفط، كما يمكن قراءته من عدّة جوانب أخرى أهمها زيادة الطاقة الإنتاجية الفائضة وغير المستغلة للمملكة، كذلك ينبئ الخفض عن قراءة استشرافية من المملكة بحدوث نقص في الإمدادات النفطية في وقتٍ لاحق من العام الجاري 2019م نتيجة تراجع صادرات بعض منتجي الخام كفنزويلا، وبشكل عام فإن أسعار النفط في الوقت الحالي وكذلك على المدى القريب والمتوسط بمأمن عن أي انزلاقات سعرية غير متوقعة؛ لتعاظم دور اتفاق الخفض النفطي بالتقادم وبروز دوره بشكل أكبر وأقوى مع مرور الوقت، وللمملكة دور كبير في تحييد الأسواق النفطية عن أي صدمات مفاجئة جرّاء نقص أو زيادة الإمدادات، فهي حريصة دوماً على تعظيم الاستثمارات في القطاع النفطي لبناء طاقة فائضة بين 2 - 3 ملايين برميل يومياً بحسب تصريحات سابقة لوزير الطاقة السعودي خالد الفالح الذي ذكر أن المملكة لديها القدرة لإنتاج 12 مليون برميل يومياً، فالدور السعودي في قطاع الطاقة مهم جداً نتيجة المهارة القيادية في الحفاظ على توازن الأسواق، وتحييدها عن المخاطر التي تنتج عن اختلال موازين العرض والطلب، مما يشير إلى المرونة العالية التي تتمتّع بها المملكة في التعاطي مع مستجدات الأسواق النفطية وبث التطمينات بتأمين الإمدادات النفطية متى لزم الأمر ذلك، آخرها كان شهر أكتوبر الماضي 2018م الذي اعتلته مخاوف الأسواق جرّاء فرض العقوبات الأميركية على طهران وبدء سريانها في نوفمبر للعام ذاته، إلا أن تلك المرحلة لم تتسب في حدوث أي ارتفاع للأسعار النفطية، بل سادت أجواء مريحة في الأوساط النفطية عقب انطلاق العقوبات في الرابع من نوفمبر الماضي، وبدأت الأسعار النفطية في التراجع من مستويات الـ 72 دولاراً للوفرة النفطية والجاهزية العالية لتعويض أي نقص في الإمدادات، حيث شهدت نهاية العام الماضي 2018م أطول سلسلة تراجع في أسعار النفط (عشرة أيام) للعديد من الأسباب أهمها زيادة معدلات الإنتاج النفطي من داخل وخارج منظمة OPEC ووصلت إلى معدلات قياسية لا سيمّا الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، وذلك بالتزامن والصيانة الدورية للمصافي حيث عادة ما تشهد تلك الفترة من كل عام انخفاضاً في معدلات الطلب على الخام.

مشاركة:
طباعة
اكتب تعليقك
إضافة إلى عين الرياض
أخبار متعلقة
الأخبار المفضلة